أشار الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان إلى ان "الإبادة الأرمنية هي واحدة من مراحل السياسة التركية ضد الأرمن"، معتبرا ان "تغريبة الأرمن في سوريا اليوم هي امتداد للسياسة نفسها، وإنْ بوجوه مختلفة". وأوضح انه "منذ ما بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، كان الشغل الشاغل للأتراك عدم السماح بإسكان الأرمن في سوريا على الحدود مع تركيا. عارض الأتراك دائماً وجودنا في حلب والجزيرة والقامشلي، وطالبوا عصبة الأمم بترحيلنا إما الى مدغشقر أو تونس. ما نشهده اليوم هو محاولة جديدة من الدولة التركية لتهجير الأرمن من هذه المناطق عبر دعمها الإرهاب والتكفير".
ولفت في حديث لـ"الأخبار" إلى ان "ما يؤكد ذلك هو تفجير الكنائس في دير الزور ومرقدة، وفتح الحدود أمام "داعش" و"النصرة" لاجتياح كسب الأرمنية وضرب منطقة حلب واستهداف الأحياء الأرمنية. ووجود مقاتلين أتراك في هذه المناطق دليل على أن سياسة السلطنة العثمانية لا تزال نفسها رغم كل الكلام المعسول لبعض القيادات التركية. منذ بداية الأحداث في سوريا، سُجّلت عودة نحو 15 ألف أرمني سوري الى أرمينيا، ولجأ نحو 12 ألف أرمني سوري الى لبنان. تمكن قسم من العائدين من العيش بمساعدة دولة أرمينيا بينما يتحضر القسم الثاني للهجرة الى الخارج".
وبمناسبة الذكرى المئوية الأولى للإبادة، رأى بقرادونيان ان "هذا اليوم هو مئوية الصمود ضد المخططات التركية ونقطة تحوّل لمزيد من النضال. لا فرق بين عام أو مئة عام. نحن ما زلنا نطالب بإعلان الدولة التركية مسؤولية السلطنة العثمانية عن إبادة مليون ونصف مليون أرمني، الاعتذار والتعويض معنوياً ومادياً عن الخسائر. كما نطالب بإعادة أراضينا المحتلة حتى الساعة، أو الولايات الست، وهي أراض أرمنية كانت مأهولة من الأرمن، وتمّ ضمُّها بموجب معاهدة «سيفر» الى أرمينيا التي كانت مساحة أراضيها 180 ألف كلم مربع، فيما تبلغ مساحتها اليوم 30 ألف كلم مربع ما يعني أن هناك نحو 150 ألف كلم مربع لا تزال تحت الاحتلال التركي".
وأكد ان "قضيتنا محقة وعادلة وسنظل نناضل من أجلها، إلا أن هناك مسافة بعيدة بين العدالة والحق والمصالح السياسية ومصالح الدول. حتى الساعة، هناك أكثر من 20 دولة مثل روسيا وفرنسا وقبرص وأوروغواي والسويد وغيرها اعترفت برلماناتها بمسؤولية تركيا عن الابادة، ومن ضمنها دولة عربية وحيدة هي الدولة اللبنانية. والاعتراف الأخير جاء على لسان البابا فرنسيس. إذ أن الكرسي الرسولي شاهد عيان على كل المذابح والمجازر التي حصلت. اعتراف الدول بالإبادة يساعدنا كثيراً، ولكن إلى حدّ معين فقط، اذ لا يمكن تغيير الستاتيكو الدولي والمصالح الدولية، ما يعني أن النضال طويل، ولكن صبرنا أطول".
وأضاف "إن الإبادة مرحلة من مراحل السياسة التركية المستمرة منذ أيام السلطان عبد الحميد. يومها حصلت مجازر جماعية في أضنة، ما أدى إلى تغيير جذري في الديمغرافيا. وبعد سقوطه، اعتمد حزب الاتحاد والترقي السياسة نفسها. وحتى في عهد أتاتورك مُنع الأرمن من العودة الى أراضيهم، وأمعنت تركيا في قتل شعبنا من أجل اقتلاع الأرمن من أراضيهم لمنع عودتهم، ولإنشاء دولة من جذور طورانية تمتد من تركيا الى أذربيجان وغيرها. الولايات الأرمنية كانت تشكل عائقاً أمام تحقيق أهدافها، فحصلت الابادة وسُرقت الثروات الأرمنية التي يقوم عليها اقتصاد تركيا اليوم".
وأسف "لأن الحكومة اللبنانية أعلت العلاقات التركية على احترام شهداء اللبنانيين الأرمن والطائفة الأرمنية بكاملها والتي هي ركن اساسي في الكيان اللبناني. كما نأسف لأن بعض الوزراء أعطوا مطلبنا طابعاً مذهبياً وطائفياً، وهو ما نرفضه جملة وتفصيلاً. الشهادة أو الشهيد لا علاقة لهما بالدين ولا الطائفة، بل هما عنوان إنساني كبير، ومعروف عنا كأرمن وحزب احترامنا لشهداء الوطن حتى الذين نختلف معهم سياسياً. لذلك كنا ننتظر من الحلفاء والخصوم احترام شهدائنا، خصوصاً أن في لبنان اليوم نحو 150 ألف أرمني ذهب جدودهم ضحايا الإبادة. لكن، للأسف الشديد، عندما نتكلم عن الابادة، يعمد البعض الى ارتداء القفازات منعاً لإثارة غضب تركيا".